الاثنين، فبراير 11، 2008

أشباه الرجال "من تداعيات الصدمة الانسانية التي أصابتني في أسوان"


انتابتني منذ عودتي للقاهرة حالة من الحزن والصمت لأنني رافضة للعودة الى التعامل مع أشباه الرجال وأنصاف الحلول والمواقف الرمادية اللون. فبعد أن شاهدت أسوان وطيبة وجدعنة ورجولة أهلها وشقاوة وترحيب أطفالها وجمال ألوانها المختلفة والواضحة حيث البيوت المدهونة بألوان فاقعة شديدة الوضوح تأكيدا على طبيعة الاشياء وقوة الشخصية الجنوبية وحيث خضرة الزرع والنخيل وصفرة الجبال وسواد صخور الجرانيت التي تعترض في قوة واباء مجرى النيل وزرقته العجيبة التي رسخت شعورا مسبقا لدي بزيف نيل القاهرة، يصعب علي كثيرا أن أعود لرمادية العاصمة بعوادمها ودخانها وسحابتها السوداء اسما والرمادية فعلا وشكلا وبلادة أهلها وانعدام أخلاقهم ومروءتهم.



والاكثر صعوبة هو أن أعود لأتعامل مع أولئك من أشباه الرجال (ذكورا كانوا أو ايناثا) من الذين لا يبادرون باتخاذ أي موقف حاسم ازاء ما يضايقهم أو يحرمهم من حقوقهم وينتظرون طيلة الوقت أن يفعل ذلك من يقف بجوارهم أملا في أن تجدي محاولته فيستفيدوا دون المخاطرة باثارة غضب ذو سلطان أو المنصب والانكى أنه في حالة فشل من نطق بجوارهم صائحا مطالبا بالحق فإنهم ينضمون الى حاشية السلطان في ممارسة بذيئة ووقحة لطقوس رجم المطالب بالحق الذي أصبح مجرما في زمانا هذا ومدينتنا هذه.



من الصعب حقا علي بعد أن أصيبت بتلك الصدمة الانسانية في أسوان وبعدما شاهدت رجالا مكتملة الرجولة تضيء وجوههم "كالبدر" نقاءا وصفاءا وشهامة واباءا أن أعود للتعامل مع تلك المخلوقات الهلامية الرمادية من الذين يتقاتلون من أجل المناصب طمعا في حفنة من الجنيهات لا تسمن ولا تغني من جوع علاوة على أنهم لا يستحقونها، أولئك الذين ينشدون ألقابا لا تمت لشخصهم بأية صلة. إنها معاملات تصيبي بالغثيان المستمر والمتواصل في "قاهرتي".



ومنذ أن عدت أصبح يتراءى لي ويومض في ذهني بين الحين والآخر مشهدا من مشاهد هذه الرحلة الى جنوب الوادي "رحلة اليقظة والإدارك" والغوض في أعماق روحي والتأمل في مجريات حياتي. إنها مشاهد تؤكد لي زيف حياة العاصمة وكل ما فيها، تؤكد لي أنني أنا بنت المدينة الصاخبة المنغمسة في كل هراءاتها ترغب في العيش في كنف حياة هادئة طالما كانت تحمل كل ذلك السحر الغامض والصريح وسط رجالا مرسوما على وجوههم ملامح الرجولة الحقيقية وتطل من أعينهم مشاعر التعاطف والطيبة والقدرة على الاحتواء ، نعم أرغب في العيش في هدوء طالما كنت في مجتمع لاتزال الفطرة الربانية هي السائدة فيه والعلاقات والمعايير والاخلاق واضحة المعالم والالوان غير مختلطة الانساب والتفسيرات.


هناك تعليق واحد:

كراكيب نـهـى مـحمود يقول...

جميل يا اسماء
عارفه احلى حاجة ايه اني اشوف وجهه نظر حقيقية قادرة تعبر عن الجمال والقبح بشكل متساوي
بس للاسف رجعنا برضه
صدمة صدمة بس رجعنا وحشتيني يا بنوته